09: كيف أصمم الرحلة؟

يكون تصميم رحلة حياتنا، برسم الأساسات للسنوات الخمس المقبلة التي نتصور من خلالها ملامح الحياة التي نطمح ونسعى إليها.

خريطة الرحلة / Imran Creative
خريطة الرحلة / Imran Creative

قدمنا في النشرة السابقة مفهوم تحديد الوجهة، وذكرنا أن الوجهة محطةٌ متغيرة في طريق رحلتنا المستمرة في الحياة. تتمةً لهذا المفهوم واستفادةً من نتائج تمرين النشرة الماضية، نتحدث اليوم عن مفهوم يرتبط ارتباطًا وثيقًا باختيار الوجهة، وهو تصميم الرحلة (أو الرحلات) المؤدية بنا نحو الحياة التي نريدها.

المفهوم 💡

كيف أصمم الرحلة؟ 🎨

  • كما يفعل معظمنا عندما نخطط لرحلة ما، نختار الوجهة أولًا ثم نبدأ تصميم الأساسات التي تتمثل فيها أهم ملامح الرحلة، مثل: حجوزات الطيران والفنادق والمواصلات والأنشطة والزيارات؛ فترك هذه الملامح الضرورية إلى آخر لحظة أو تجاهلها يؤدي إلى فشل الرحلة أو صعوبة تحقيقها. وفي المقابل ليس ضرورةً أن نخطط تفاصيلها دقيقة بدقيقة، بل إن جزءًا من التصميم الجيد أن نضبط وزنيتها ونترك متسعًا من العفوية والمرونة بين تلك الفقرات الأساسية التي نرغبها.

  • بشكل مماثل يكون تصميم رحلة حياتنا، برسم الأساسات للسنوات الخمس المقبلة التي نتصور من خلالها ملامح الحياة التي نطمح ونسعى إليها. فتبدأ من واقعنا الحالي وتنسجم مع بوصلتنا وتتجه وتقترب بنا نحو وجهتنا، وتمر بنا على طرق جميلة نختارها و نخوضها خلال رحلتنا.

تصميم رحلاتك المتعددة

  • لكل منا حيوات ورحلات متعددة وليست حياة واحدة كما نعتقد. والمقصد هنا هو الاحتمالات المختلفة للحياة الجيدة التي نرضاها لأنفسنا و نرغبها؛ لذلك أصبحت إحدى أكثر المعتقدات المعطِّلة لتفكيرنا وتصميم نمط حياتنا هي التمسك بالمثالية، وأنَّ لنا احتمالًا واحدًا فقط للحياة الطيبة. 

  • تكمن أهمية تخطيط عدة رحلات محتملة في خروجك من شعور الاضطرار والضغط المصاحب لفكرة «إما هذا الخيار وإما لا»؛ فبمجرد معرفتك أن لديك متسعًا من الخيارات الموفقة تصبح عملية جودة اتخاذ القرارات أفضل. 

اعتقاد معطِّل = حتى أكون سعيدًا «لازم» أتخذ الخيار الصحيح!

إعادة تأطير = لا يوجد خيار واحد صحيح، لكن توجد خيارات موفقة.

فن الاختيار واتخاذ القرار

  • هذا الموضوع تلزمه سلسلة وموسم خاص. لكن في سياق تصميم الرحلة ألخِّص حديثنا عن اتخاذ القرارات حول اختيار إحدى رحلاتك المحتملة كالآتي:

  • عندما تصمم عدة رحلات (احتمالات) لحياتك على مدى السنوات المقبلة، تأتي خطوة التحسين واتخاذ القرارات وفق معايير أساسية لديك. هنا بعض هذه المعايير الفعالة التي نستخدمها في أثناء تصميم الرحلة:

    • المصادر: هل تمتلك أو ستتمكن من توفير المصادر الكافية لتحقيق هذه الخطة؟ هنا لا نقتصر على المصادر المالية وحسب، بل نتحدث عن الوقت والجهد والمعارف.

    • الإعجاب: ما مدى إعجابك وتعلقك بهذه الخطة؟ لا تنس مفهوم اختيار الطريق والتمرين المصاحب له في النشرة السابقة، وكيف تؤدي معرفتنا بدلالات الطريق (التفاعل والطاقة) دورًا مهمًا في اختيار تصميم الرحلة الأكثر انسجامًا مع بوصلتنا وحياتنا.

    • الثقة: هل تشعر بالثقة تجاه عيش هذه الرحلة؟ أم هناك بعض الشكوك والمخاوف حيال مقدرتك على تحقيق هذه الرحلة بنجاح؟

    • التوافق: هل هذه الخطة منطقية؟ أهي متوافقة مع بوصلتك ورؤيتك إلى العمل والحياة؟ أم هناك تعارضات تحتاج إلى إعادة تأطير وتصميم.

  • هذه بعض المعايير، ولك إضافة معاييرك الخاصة الملبية للأمور المهمة في حياتك. هذه المعايير تساعدك على طرح الأسئلة المهمة، ومن ثَمّ فهمك وتعاطفك مع نفسك ← تعريف المشكلات ← توليد الأفكار والحلول. تلك أول ثلاث خطوات في رحلة التفكير التصميمي.

  • ثمة جزء مهم من جمع وحصر الخيارات (الاحتمالات) المقبولة لك، ثم اختيار أحدها (أيًا كان)، هو التحرر من فكرة الاضطرار لفعل شيء واحد فقط أو عيش حياة لم تكن ترغب بها، ويأتي تبعًا المضي وعدم التفكير والتحسر على الماضي بالقول: لو أني اخترت كذا لكان كذا. 

تطبيق هذه المفاهيم واستمرار عملية سعينا يجعل اتخاذ قراراتنا وتصميم حياتنا التي نريد أوفر حظًا، وأقرب إلى ما نطمح إليه ويشبهنا. 


التمرين 🏋️

تصميم الرحلة

1. للاستفادة من هذا التمرين ضع مؤقِّتًا لمدة 30 دقيقة دون مشتتات أو شواغل.

2. أحضر مشروبك ودفترك وقلمك المفضل أو استخدم قالب التمرين.

3. سنرسم لأنفسنا ثلاث رحلات مختلفة. كل واحدة منها خطة أو احتمال ترغبه لحياتك على مدى السنوات الخمس المقبلة. استمتع بالرسم والتصميم في هذا التمرين، وإن لم تستطع رسمها فاكتب عنوانها كما في المثال.

  • الرحلة الأولى

هي الرحلة التي تبدأ امتدادًا لما تفعله حاليًا، الخطة الافتراضية كما نقول لو أنك أكملت بالمعتقد القديم (بأن لديك احتمالًا واحدًا فقط). وتنطلق الرحلة مما تفعله حاليًا أو تنوي وتطمح إلى تحقيقه وفقًا لها.

  • الرحلة الثانية

هي الخطة ب: ماذا لو فقدت أهم عنصر تعتمد عليه في الخطة الأولى؟ (مثلًا: خسرت وظيفتك أو خسرت الشركة أو لم تعد ترغب الإكمال في مجالك). كيف سيكون شكل هذا الاحتمال الآخر؟ وكيف ستكون السنوات التالية لهذا التغيير الكبير في حياتك؟ حاول رسم هذه الملامح الكبيرة كما لو أن هذا التغيير حصل بالفعل!

  • الرحلة الثالثة

هذه هي الخطة الحالمة ✨ أطلق لخيالك العنان كما لو أن ليس للمال أو السمعة أي وزن لديك (تمتلك كل الموارد التي تحتاجها ولا عليك من كلام ونقد الناس)، وليس لديك أي مخاوف أو عوائق؛ فماذا ستفعل؟

4. ابتكر عنوانًا لكل خطة من هذه الخطط الثلاث.

5. قوِّم كل خطة وفقًا للمعايير السابق شرحها في المفهوم: المصادر والإعجاب والثقة والتوافق.

6. فكِّر في كل رحلة واكتب ثلاثة أسئلة على الأقل لكل منها. ستساعدك إجابتها على البحث وتجاوز التحديات والمشكلات المتوقعة في كل منها، من ثم ستساعدك على التفكير وتوليد الأفكار والحلول وتحسين تصميم الرحلة.

7. معايير إضافية لتفكِّر فيها أثناء تخطيط وتصميم الرحلة:

أ. الجغرافيا: أين ستعيش؟ وما البيئة والمكان وأثرهما في رحلتك؟

ب. الأنشطة: ما التجارب والهوايات والتعاليم التي ستكتسبها في أثناء الرحلة؟

ج. العمل: ما الأدوار والمجالات أو الشراكات التي ترى نفسك تعمل فيها خلال الرحلة؟

د. الناس: كيف تتخيل حياتك الاجتماعية والعائلية والأطفال وشركاء الحياة؟

هـ. الصحة: ما أهدافك الكبرى على الجانب الصحي، خسارة وزن؟ ركض ماراثون؟ بناء عادة جيدة؟ التخلص من عادة سيئة؟

8. إذا شعرت بصعوبة في التعبير (الرسم) وتوليد الأفكار لرسم أي من الرحلات، فاستفد من أدوات توليد الأفكار التي تناولناها في النشرات السابقة. لا تقلق كثيرًا بشأن المحاولة للوصول إلى الإجابة المثالية، ولا تتجاهل إكمال الرحلات الأخرى. ليكن هدفك إكمال ثلاث رحلات.

9. احفظ هذه الخرائط وراجعها مرة مع مطلع كل سنة، وأعِدْ تحديثها وتصميمها وفقًا لمجريات الحياة لديك.

نشرة نمطنشرة نمطنشرة أسبوعية تتجاوز فكرة «أنت تستطيع» إلى «كيف تستطيع» تحقيق أهدافك وتحسين نمط حياتك.