لماذا أنشر كتابًا لن يقرأه أحد؟ 📖

ثمة أمل في أن ينفذ كتاب في خرم إبرة الخوارزميات، ويجد طريقه إلى قارئ واحد بعد عشر سنوات.

وجدني الكتاب / Imran Creative
وجدني الكتاب / Imran Creative

لماذا أنشر كتابًا لن يقرأه أحد؟

إيمان أسعد

قبل عدة أيام كنت أتصفح تطبيق أبجد لكي أتأكد من وجود كتاب «الضوء الأزرق» لحسين البرغوثي لعدم وجود نسخة ورقية منه في المكتبات المحلية في الكويت. بعدما وجدته، خطر لي أن أضع اسمي في خانة البحث، وفوجئت حين رأيت أول رواية كتبتُها ونشرتها في عام 2014. المفاجأة ليست في وجودها بل في أنَّ قارئًا واحدًا قرأها في أغسطس 2023.

النجوم الخمس التي منحتني إياها القارئة ليست وحدها مبعث سعادتي، بل حقيقة أنَّ أحدهم قرأ الرواية بعد أعوام من إتلاف كل النسخ. أتذكر جيدًا الإيميل الذي وصلني من دار النشر في لبنان يبلغونني فيها أنَّ الألف نسخة لم تبع في عامين إلا 125 نسخة. وبما أنَّ المكتبات أعادت النسخ المتوفرة لديها، ووجودها في مخزن دار النشر بات يحتل مساحةً الدارُ في حاجة إليها للكتب الجديدة، سيرسلون إليَّ بخدمة الشحن 850 نسخة.

ما كنت لأحتمل رؤية هذه النسخ مكدسة في البيت شاهدًا على فشلي الذريع، فأرسلت إليهم طلبي إتلاف كل النسخ الموجودة، وأرفقت روابط لجهات بيئية وتطوعية في لبنان تقدم خدمة إعادة التدوير الورقي مجانًا. وهكذا كان. ودومًا أقول لدى حديثي عن تجربتي الأولى في كتابة الرواية ونشرها أنها تحوَّلت إلى ورق حمام.

المفارقة الساخرة في الموضوع، أننا في نشرة أها! تكلمنا كثيرًا عن خشية ضياع النسخ الرقمية من ألعاب وكتب وأفلام، لكن تقنية «الكتاب الإلكتروني» هي التي انتشلت روايتي من عداد الأموات والفقد النهائي، لا الكتاب الورقي.

قد تقول في نفسك، قارئٌ واحد ليس انتشالًا من عداد الأموات، ولن يصنع فارقًا في المعادلة. لذا دعني أشاركك هذه الفقرة من يوميات كاتب فرنسي يُدعى هيرفي قيبير، لأنها ستجيب تساؤلك خيرًا منّي.

«في أفظع خيالاتي رعبًا، رعبي من ألا يُنشَر كتابي يفوق رعبي من مضغ الديدان جسدي حيًّا. ولا علاقة للأمر بحفظ ذكراك لأجيال، بل بمنحك إحساسًا بالطمأنينة حتى إن كان واهيًا بأنَّ لقاءً سيكون. (لربما لقاء كل ساعة، كل عام، أو حتى كل قرن.) 

حتى إن لم تُعَد طباعة الكتاب، وأعيد تحويل مخزونه المتكدس إلى ورق، حتى إن احترقت معظم النسخ في النار، أو تفسخت في مياه المجاري ومحيت معظم حروفه، ربما لقاءٌ سيكون مع قارئٍ واحد، شابٍ يافع أو شابة يافعة، رجلٍ مسن، طفل، ينتشل النسخة الناجية بين يديه؛ وهذه اللغة، وهذا الصوت، سيُبْعَثان من جديد، لبعض الوقت، في ذاك الجسد، قبل أن يتحجَّر مرة أخرى، على سطحٍ ميت عديم الفائدة. وسيسعد كتابي بأنه انتشر من جديد، يحتفي بأنَّه قُرِئ، أنَّ الفعل الجسدي المبذول في كتابته، هذا الوقت المهدر، كان في النهاية لغاية، وأنه وجد قارئًا يحبه.

لكن لربما أنا عاجزٌ عن تفسير حجتي، لأنَّ ما قلت التو لا يوفي مشاعري الحقيقية حقها. لذا سأقول: لولا هذا الإحساس الواهي بالطمأنينة، هذا الأمل بوجود ذاك القارئ الواحد، يومًا ما، لما واصلتُ الكتابة، وكنت سأكتب بوتيرة أقل لو لم يكن لدي حبٌّ أسرده. لأنَّ الحبَّ هو ما أريد لذاك القارئ أن يقرأه، ويدركه.»

لهذا السبب نكتب وننشر، علمًا أنَّ الأرقام واحتمالات النجاح ليست أبدًا في صالح أغلب الكتّاب (وهنا مقطع يوتيوب ممتع يبين لك التفسير الاقتصادي وراء هذا.) لأنَّ ما زال ثمة أمل بشري في أن ينفذ كتابٌ في خرم إبرة الخوارزميات والتسويق الذاتي والتوصيات، ويجد طريقه إلى قارئ واحد بعد عشر سنوات. 


خبر وأكثر 🔍 📰

استجابة سريعة / Giphy
استجابة سريعة / Giphy

 بعض الناس تتمتع بقوة النظر السريع!

  • البعض يرى أكثر من غيره في الثانية الواحدة! أجرت كلية «ترينيتي» في دبلن تجارب لاختبار سرعة الإدراك البصري، وظهر اختلاف كبير في السرعة، إذ بوسع بعض الأشخاص رؤية أشياء أكثر من غيرهم في كل ثانية. 👀🏃🏻‍♂️

  • استعان العلماء باختبار الوميض! عندما يومض الضوء بسرعات متزايدة سيخدع النظر ويبدو ثابتًا لسرعته الكبيرة. وقال كلينتون هارلم المؤلف الأول للدراسة: «لا نعرف حتى الآن كيف يؤثر هذا الاختلاف في الدقة الزمنية البصرية على حياتنا اليومية، ولكننا نعتقد أنَّ سرعة الإدراك قد تتضح في المواقف عالية السرعة، والتي تتغير فيها المشاهد بسرعة مثل رياضات الكرة». 👁️⚡️

  • سرعة البصر آلية نجاة لدى الحيوانات! سُئل المشاركون: عند أي نقطة كفَّ الضوء عن الوميض؟ فقال البعض أنهم رؤوا 35 ومضة، بينما رأى آخرون أكثر من 60 ومضة. وتشير الدراسة المنشورة في مجلة «Plos One» إلى تمتُّع بعض الأشخاص بميزة فطرية يكون فيها وقت الاستجابة مختلفًا، مما يدعم دقة ردود أفعالهم. كما يدرك البعض إشارات بصرية بترددات يعجز البعض عن رؤيتها. ويعتقد الخبراء أن النتائج قد تفسر تمكُّن بعض الفرائس في عالم الحيوانات من الهروب من مفترسيها. 🐅🐇

  • هل سيصبح النظر السريع حليف النجاح الرياضي؟ بعد اكتشاف الاختلافات الكبيرة في سرعة رؤية البشر للصور المتحركة، يجد الباحثون فيها تفسيرًا محتملًا في نجاح التقاط الكرة أو الإخفاق في التقاطها لدى ضرب الكرة في لعبة التنس مثلًا، ومقياسًا في تباين الأداء بين اللاعبين في الألعاب التنافسية. ويقول كيفن ميتشل، الأستاذ المشارك في علم الأحياء العصبية: «نظرًا لأننا لا نملك سوى الوصول إلى تجربتنا الشخصية كمرجع، فقد نتوقع بسذاجة أن كل شخص آخر يرى العالم بالطريقة نفسها التي نراه بها». 🎾🤺

🌍 المصدر


شبَّاك منوِّر 🖼️

تصميم: جمانة سكلوع
تصميم: جمانة سكلوع

🧶 إعداد

شهد راشد


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • الأحلام ليست مجرد اندفاعات عشوائية للدماغ النائم، ولكنها مرآة تعكس لنا تحديات وقيم حياتنا في اليقظة. 😴

  • حين نتنبَّه إلى انطفاء الشغف فينا ونتألم لغيابه ونحاول استعادته فهذا ليس هشاشة منَّا، بل علامة من علامات النُّضج ومحبة الذات. 😑

نشرة أها!نشرة أها!نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.