غزو الأفلام المصرية الرديئة يهدد السينما السعودية 🫠

ما بالك إن بدأنا صناعة السينما في السعودية بأفلام رديئة، ونجدها مع الوقت توصَف بها وتلتصق بها كأساس؟

غزو الأفلام المصرية / تصميم: أحمد عيد
غزو الأفلام المصرية / تصميم: أحمد عيد

غزو الأفلام المصرية الرديئة يهدد السينما السعودية

نايف العصيمي

منذ فترة طويلة، كلما فتحت تطبيق أحد دور السينما عندنا في السعودية وشاهدت قائمة الأفلام المعروضة أشعر بإحباط شديد، وأقرّر التخلي عن متعة حضور الفلم في صالة السينما مقابل ألا أخسر فلوسي في فلم رديء. 

حينها اعتقدت أنَّ هناك سوء اختيارات لدى المخولين باختيار الأفلام عندنا، وأن هناك أفلامًا ممتازة كثيرة تعرض حول العالم لكن لا تعرض هنا. قرأت وبحثت ووجدت أسبابًا مختلفة، لكني أيضًا لاحظت شيء... أنَّ القائمة دائمًا تكون ممتلئة أفلام مصرية كوميدية «رديئة جدًا» حتى إن بعض الصناع داخل مصر يتبرؤون منها.

غزو الأفلام المصرية قد يدمرنا 

أفلام «الإفيهات» هي أسوأ شكل وصلت له السينما المصرية عمومًا وفي تصنيف الكوميديا خصوصًا، وبعيدة عن إرثها الشهير في صناعة أفلام ذات جودة ممتازة. لكن هذه الأفلام وجدت في السوق السعودي نجاحًا هائلًا، ولهذا السبب أصبحت تتكاثر بشكل مفرط. فوصلنا إلى مرحلة من السهل أن تجد فيها على رأس قائمة العرض أربعة أفلام مصرية، وسهل كذلك أن تجد بيومي فؤاد في كل فلم منها. 

لهذا، ورغم النقد داخل مصر على هذا النوع من الأفلام، سادت أفلام «الإفيهات» بسبب تحقيقها الأرباح حتى داخل مصر نفسها، ففي النهاية هذه الأفلام هي التي تدر المداخيل العالية التي تحتاجها الصناعة في مصر حتى تستطيع الاستمرار. مع ذلك، تستطيع السينما المصرية إلى الآن الخروج بأفلام سينمائية جيدة مثل «ڤوي ڤوي ڤوي» و«الرحلة 104»، وهذا يعود إلى قوة الأساس الذي بنيت عليه السينما المصرية. 

فالحالة السينمائية الحالية في مصر تعود إلى ظروف مختلفة أهمها، في اعتقادي، الظرف الاقتصادي. لكن بفضل أساسها الجيد والمتين، لا تزال صناعة السينما المصرية قادرة على صناعة أفلام ذات جودة عالية. وهنا تتركز أهم نقطة في بناء صناعة السينما المبتدئة: أن تكون بداياتك مع أفلام ممتازة تستطيع أن تقود المشهد، لكي لا يقود المشهد فلم رديء.

لكن هذا لا يعني أن السينما المصرية لم تسقط مؤخرًا في وصمة «أفلام الإفيهات» رغم عراقتها. تمامًا مثلما سقطت في تلك المعادلة السينما الهندية بعدما ربطها المشاهد بتلك الأفلام السخيفة حيث يطير البطل ويتلافى الرصاصة بأعجوبة. ويكفي أننا عند السخرية على حدث «كله كذب بكذب» نقول عنه إنه فلم هندي، علمًا أنَّ السينما الهندية تزخر بالأفلام السينمائية الرائعة، لكن الأفلام الرديئة التي قادت المشهد لفترة أضرت بالسينما الهندية رغم عراقتها كصناعة. 

فما بالك إن بدأنا صناعة السينما في السعودية بأفلام رديئة، ونجدها مع الوقت توصَف بها وتلتصق بها كأساس؟ 

لهذا يقلقني ضرر تأثير أفلام «الإفيهات» على صناعة الأفلام السعودية «الناشئة»، لأنه ضرر بالغ السوء لعدة أسباب مختلفة أهمها تأثيرها في سلوك المشاهد السعودي. فاعتياد الناس على هذا النوع الرديء ونجاحه سيحتِّم على المنتجين السعوديين الاتجاه إلى دعم هذا الأسلوب كونه «يحقق المال الوفير» لهم، وهذا هو المهم في نهاية المطاف لدى كل صناعات السينما وليس فقط لدى صناعة الفلم السعودي.

نجاح «سطَّار» مؤشر إيجابي وسلبي

نجاح الفلم السعودي «سطَّار» جماهيريًّا وتحقيق أرباح من حضور الجمهور القوي في صالات السينما كان مؤشرًا إيجابيًّا في بناء ثقة تجاه الفلم السعودي كوننا في صناعة ناشئة. لكن هل هذه الثقة بُنيَت بالشكل الصحيح منذ البداية؟

ففلم «سطَّار» صُنع على شكل يحاكي الأفلام المصرية «الرديئة»، بل إن أحد كتّاب «سطَّار» -أيمن وتار- هو من الكتّاب المصريين المعروفين بكتابة هذا النوع من الأفلام.

أنا لا أحارب هنا وجود فلم «سطَّار»، بالعكس وجوده أمر جيد. لكن كونه علامة النجاح الجماهيري الأبرز لصناعة السينما السعودية في بدايتها قد يرتد على الشكل الذي يحظى بدعم المنتجين والمستثمرين ويقبل عليه الجمهور. نحن نريد صناعة أفلام شبيهة بفلم «سطار»، ولا أمانع وجود فلم مثله كل سنة، لكن أخشى أن تصبح كل الأفلام السعودية أو معظمها هي مثل «سطَّار».

كذلك لا أعارض وجود الأفلام التجارية، فالمخرج ستيفن سبيلبرق هو أحد أعظم المخرجين السينمائيين، ومعروف أن معظم أفلامه هي أفلام تجارية، لكنها ذات جودة ممتازة. فالمقصد أنَّ كون الفلم تجاري لا يعني أن يكون رديئًا على مستوى النص والإخراج ويعتمد فقط على النكتة. إذ حتى الأفلام الكوميدية لها مستويات مختلفة، أقلها وأسهلها هي شكل أفلام «الإفيهات» المصرية وفلم «سطَّار».

ولأننا جميعنا نعلم أن الصناعة لن تستمر دون مال وأرباح، ولا أحد يستثمر في شي يخسر، سيكون الخيار البديهي لدى المنتجين «عطني فلم مثل سطَّار» كونه هو المنطقة الآمنة لجني الأرباح، وبسرعة سندخل في العجلة المنحدرة التي دخلت فيها صناعة الأفلام المصرية.

«مندوب الليل» تجربة نجاح في منطقة التحدي 

من أكثر الأشياء التي تجعلني معجبًا بتجربة فلم «مندوب الليل» هو دخوله لتصنيف صعب وتحقيق أرباح ممتازة ومبيعات عالية في تذاكر السينما. لكن قد يكون «مندوب الليل» الاستثناء من القاعدة؛ فالفلم خدمته شهرة علي الكلثمي المسبقة ومحبة الناس له، إلى جانب التسويق الضخم الذي صاحب إطلاق الفلم. وهذه الميزات قد لا تتوفر لمخرج جديد أو غير معروف جماهيريًّا. 

لهذا نجاح فلم درامي مثل «مندوب الليل» هو مؤشر ممتاز. لأنَّ صناعة الأفلام السعودية تحتاج في بدايتها إلى نجاح أفلام مثل «مندوب الليل» لبناء شكل متوازن ومنطقي على المدى الطويل في تنوع الأفلام ورفع جودتها، ولبناء الثقة لدى المشاهد السعودي في أن يدفع فلوسه ويحضر فلم سعودي من هذا التصنيف في صالة السينما. 

حتى فلم «الهامور» (وإن كنت أعتقد أنه كان من الممكن أن يكون فلم رائع) يشكَّل نجاحه في سرد قصة حقيقية بعيدًا عن الشكل المبتذل للكوميديا المستهلكة مؤشرًا مشجعًا، وهذا التصنيف من الأفلام يستطيع قيادة المشهد نحو بناء أساس قوي.

فلم «ناقة» كان أيضًا تجربة سينمائية جيدة، وتمنيت نزوله سينما بدلًا من نتفلكس وذلك لصالح الصناعة في بدايتها وشدة ارتباطها بتجربة الحضور في دور السينما لا المنصات. فبعيدًا عن الفائدة المالية هنا، ففي الحقيقة كان الشكل المثالي لفلم «ناقة» أن يُعرض في صالات السينما. إذ حتى إن قيل إن السينما تموت ... في اعتقادي لن تموت. ونتفلكس رغم دعمها لأفلام عالمية عديدة إلا أنها تسمح أيضًا بعرضها في السينما، تمامًا مثلما فعلت «أبل تي في» مع أفلام «نابليون» و«كيلرز أوف ذا فلور مون». 

وجود فلم مثل «ناقة» في منصة رقمية كان بنظري خسارة للسينما، ولا أرى أنَّ الفلم كان يستحق الهجوم الكاسح الذي تعرَّض له. بل إنني تبنَّيْت فرضية أن من أسباب هذا الهجوم هو وجوده في منصة عرض. 

في الأخير هذا رأي مبني على أمنية محب للسينما، لأنني لا أتمنى أن أفتح أحد تطبيقات دور العرض لأرى أربعة أفلام سعودية مثل «سطَّار» وأغلق التطبيق.


اقتباس النشرة

فلم «Hot Fuzz»
فلم «Hot Fuzz»

أخبار سينمائية

  • يبدأ عرض فلم «MONKEY MAN» في دور السينما العالمية هذا الأسبوع، وصرَّح بطل الفلم ومخرجه ديف باتل إنه كسر يده وإصبعين من أصابع قدمه وحصل له تمزّق بالكتف وأصيب بعدوى في العين وتعطَّل الإنتاج بسبب كورونا، ومع ذلك أخرج الفلم اللي حصد في «روتن توماتوز» تقييم 93% ومنح باتل لقب نجم الأكشن القادم. «هذا هو الشغف والا بلاش! 🫡»

  • نُشر البوستر الرسمي للجزء الثاني من فلم الجوكر «Joker: Folie à Deux» بطولة خواكين فينيكس، ومع ليدي قاقا بدور هارلي كوين. سيعرض الإعلان الترويجي الأول للفلم في تاريخ 9 أبريل في ظل إشاعات عن وجود 15 أغنية! «كلها كم يوم ونعرف إذا نصنف الفلم ضمن عالم أشرار الكوميكس أو في عالم "ماما ميا" و"مولان روج"🤨🕺🏻» 

  • تجاوز فلم الوحوش قودزيلا وكنق كونق «Godzilla X Kong: The New Empire» كل التوقعات وحقق 80 مليون دولار في عرضه الافتتاحي في أمريكا، و194 مليون دولار عالميًّا. وعلى خلاف النقاد اللي تفاعلوا بفتور مع الفلم، تفاعل الجمهور بإعجاب شديد سواء كانوا من معجبي السلسلة أو حتى الجدد عليها. «هذا فلم تقدر تعزم عليه أهلك من جيل الطيبين وربعك من عيال اليوم😜🦖🦍»

  • حطَّم الفلم «Road House» من بطولة جيك جلينهال الأرقام القياسية لأفلام برايم الأصلية بأكثر من 50 مليون مشاهدة على المنصة خلال أول أسبوعين، مع العلم إن الفلم إعادة إخراج للفلم الأصلي اللي عُرض عام 1989 من بطولة باتريك سويزي. «يا ترى هالرقم يخفف من غضب المخرج على قرار أمازون عدم نزول الفلم في صالات السينما والا يزيده؟ 🤬🍿» 


توصيات سينمائية

أفلام الرعب، إلى جانب أفلام «الإفيهات»، من أشهر الأفلام التي ارتبطت بالمفهوم التجاري وتحقيق مبالغ هائلة في مبيعات التذاكر، لأنَّ المشاهد مثل ما يضحكه الإفيه السريع، يرتعب بسرعة على أي مشهد يخوِّف!

وعلى غرار الكوميديا، وقع هذا التصنيف في فخ «الأفلام الرخيصة» سعيًا لتحقيق الأرباح بغض النظر عن جودة العمل سينمائيًّا. لكن الفلم الكوري الجنوبي «The Wailing» أعاد الهيبة السينمائية إلى تصنيف أفلام الرعب، وذكَّر الجمهور بأفلام كلاسيكية في هذا التصنيف مثل «The Excorist» (بالذات مشهد البنت إياها) و«The Shining» مع تأثير لأفلام هتشكوك في بناء الرعب النفسي.

فجهِّز نفسك تقعد على أعصابك من أول دقيقة لآخر دقيقة في الفلم. 🍿😱

يحكي الفلم عن قرية في أحد أرياف كوريا، ينتشر فيها مرض غامض ومعدي يخلي الناس وحشيَّة وتقتل عوائلها ببشاعة.

يقود التحقيق بعد الجريمة الأولى -اللي يقتل فيها رجل زوجته وأطفاله من غير أي سبب- شرطي ريفي بسيط جيون جونق-قو. وبعد سلسلة من الأحداث المريبة تتجه الشكوك والشبهات إلى رجل ياباني غامض يسكن في الجبل بالقرب من القرية، بدأ المرض بعد فترة بسيطة من قدومه. وفي الوقت اللي يحاول فيه جونق-قو حلِّ القضية، يتورط فيها شخصيًّا لمّا تصاب بنته بالمرض.

الفلم في نظري هو أحد أعظم أفلام الرعب اللي شاهدتها على الإطلاق، وأعاد الحياة إلى هذا التصنيف في السينما الكورية وفي العالم. ولم تمنع جودته السينمائية إنه يكون أيضًا فلم تجاري ناجح؛ حقق ثامن أعلى مبيعات تذاكر في تاريخ السينما الكورية لفلم كوري، وجرى عرضه خارج كوريا الجنوبية، وكان أيضًا ضمن اختيارات مهرجان كان.

والأهم أنه كان السبب في انطلاق موجة من الأفلام الشبيهة في السينما الكورية، بعد ما تجرأ كثير من المخرجين على الدخول في هذا التصنيف دون الخوف من وصمة «الأفلام الرديئة الرخيصة». ولا تترك النشرة قبل ما تشاهد تريلر الفلم! 


ميم النشرة


دريت ولا ما دريت؟

فلم «ماد ماكس: فيري رود» / Warner Bros
فلم «ماد ماكس: فيري رود» / Warner Bros

بما إننا موعودين الشهر القادم بمشاهدة فلم «Furiosa»، الجزء الجديد في ملحمة «ماد ماكس»، صار وقت نرجع إلى الجزء اللي قبله، ونقول لك دريت ولا ما دريت. 😡☠️

  • كان من المفترض أن يُصنع فلم «ماد ماكس: فيري رود» في عام 2001، لكن ألغيَت خطط التصوير بعد أحداث 11 سبتمبر. وكانت هناك خطة بديلة لتصويره عام 2003، وتكون شخصية ماكس من تجسيد هيث ليدجر، لكن للمرة الثانية ألغيت الخطط بسبب اندلاع حرب العراق. عاد الفلم للتطوير وكانت المرة الثالثة ثابتة وجرى إنتاجه عام 2015.

  • بالعادة لا تترشح أفلام الجزء الثاني لأوسكار أفضل فلم إذا لم يترشح الجزء الأول منه للجائزة. لكن «ماد ماكس: فيري رود» كان الاستثناء، وترشَّح لأوسكار أفضل فلم دون أن يترشح أي جزء من الأجزاء السابقة.

  • أصر مخرج الفلم جورج ميلر على الحد من استخدام مؤثرات «سي جي آي». فعلى سبيل المثال بذل فريق الإنتاج جهد كبير لصناعة قيتار حقيقي ينفث اللهب!

  • بسبب الميزانية الكبيرة، ورؤية المخرج ميلر ومتطلباته والترقب العالي للمعجبين بالسلسلة، كان كل من شارك في فلم «ماد ماكس» متوتر للغاية. مثلًا وقع خلاف بين الممثل توم هاردي والممثلة تشارلز ثيرون، لكن كلاهما اعتذر علنًا للآخر. تشارلز ثيرون تفهمت لاحقًا الضغط اللي كان على توم هاردي بسبب تجسيده لهذه الشخصية الشهيرة، وقالت: «بطريقة غريبة، كنا نعمل مثل شخصياتنا: كل شيء كان يتعلق بالبقاء على قيد الحياة.»

  • أثناء التصوير كان الفلم على وشك تجاوز الميزانية، ورئيس «وارنر براذرز» في ذاك الوقت -جيف روبنوف- قدَّم إنذار نهائي إلى ميلر وفريقه: يجب أن تتوقف الكاميرات عن التصوير في 8 ديسمبر، بغض النظر عن أي شيء. كانت المشكلة الكبيرة أن المخرج لم يبدأ حتى في تصوير مشاهد القلعة، وبمجرد توقف الإنتاج كان في احتمال إنه يطلع بفلم من غير بداية ولا نهاية. لكن لحسن الحظ غادر روبنوف منصبه وقرَّر خليفته يعطي الفريق «شهر» إضافي للتصوير.

النشرة السينمائيةالنشرة السينمائيةمقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.